ترى ماالذي حدث!
علم النبي صلى الله عليه وسلم بما تبيت له قريش فأرسل علياً الفتى الصغير لينام في فراشه، ويرحل هو متخفياً آخذاً بالأسباب اللازمة التي تكفل له نجاح الخطة
وهناك في أعلى الجبل في تجويف صغير لايتسع لأكثر من رجل، لايبدو فيه أثر لإنس أو جن، أمر الله أن ينسج العنكبوت على باب هذا الغار.. غار ثور، فنسج شباكه بأمان.
دق رجل من رجال قريش على سطح الغار الصغير وقال: قد انقطع أثر محمد هنا . ترى أين عساه يكون؟
إنه في الغار ياأعداء الله، لو نظرتم لأسفل منكم لرأيتوهم ولكن كما يقال:
يارسول الله لو نظر أحدهم إلى موقع قدمه لرآنا.. ولو قتلت أنت لهلكت الأمة!
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ماظنك باثنين الله ثالثهما!.. لاتحزن إن الله معنا.
كان عبد الله بن أبي بكر يأتيهم إلى الغار بأخبار قريش ومايبيتون، حتى إذا اكتملت ثلاث ليال في الغار وفتر حماس قريش وأيقنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وصل للمدينة أو كاد، انشغلوا بمصالحهم.
الحمد لله كل شيء على مايراه ..انطلق النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصديق بعدها في رحلة الهجرة المباركة
والآن .. مارأيكم أن نعود قليلاً في الزمن لما قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه.
فبعد انقضاء موسم الحج، خلال شهري محرم وصفر لم يبق أحد من المسلمين كما قلنا إلا مسلم حصرته قريش أو فتنته.
لذا كان في قصص المهاجرين أبطال وبطولات .. استحقت الخلود فبقيت تردد حتى الآن.
أبو سلمة بن عبد الأسد، قد خرج مع زوجه أم سلمة وولده سلمة، لكن قوم أم سلمة منعوه من الخروج بها، فترك زوجته وولده ومضى مهاجراً وحيداً، واختلف قومه وقومها في الولد وتجاذبوه حتى خلعت يده أمام عين أمه، ففرق بينها وبين زوجها وطفلها.
أما عمر بن الخطاب فإن له حكاية مابعدها حكاية، وشجاعة مابعدها شجاعة.
اسمع ماكان:
لما أراد عمر بن الخطاب الهجرة، تقلد سيفه وأخذ قوسه، ومضى إلى الكعبة وقريش بفنائها فطاف سبعاً، ثم قال بصوت عال: من أراد الله أن تثكله أمه أو ييتم ولده، أو ترمل زوجه، فليلقني وراء هذا الوادي، فإني مهاجر الآن. ثم مضى ولم يتبعه إلا ظله.
وهكذا تتابع المهاجرون حتى استقر بهم المقام في المدينة المنورة.
لنعد الآن إلى النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان آخر هؤلاء المهاجرين..
لمّا بلغ المسلمين في يثرب خبر خروج النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يرقبون قدومه ببالغ الشوق، فكانوا يخرجون بعد صلاة الصبح، فيقفون تحت الشمس في الحر حتى تغيب الشمس،وهكذا
وروى أهل يثرب ماكان من استقبالهم بعد شوق وانتظار طويل:
حين دخلنا بيوتنا في آخر الليل، كان أول من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه رجل من اليهود، فصرخ بأعلى صوته: يا أهل يثرب هذا جدكم قد جاء، فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل نخلة ومعه أبو بكر، وأكثرنا لم يكن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك.
وتزاحم الناس ومايعرفون أبا بكر من رسول الله، فقام أبو بكر فأظله برائه، فعرفناه، فطارت قلوبنا فرحاً، وانطلقت السنتنا تغني:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا مادعا لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
وسطع نور الإسلام من المدينة المنورة ليخترق الصحارى، ويسري شرقاً وغرباً، وينشر الإيمان والأمان، وقامت دولة الإسلام.
منقول عن موقع سبيس تون (بتصرف)