التدخين...
ليس من عصر كثرت فيه التجارب كعصرنا هذا وكأن الإنسان قد أصيب بهوس التجارب وعدواها في كل ما يمت إلى حياته بصلة. وقد تكون هذه التجارب مجرد واجهه أو مدخل شرعي لممارسة كافة الرغبات والأهواء على اختلاف أنواعها وشذوذها حتى تتحول تلك التجارب أخيرا إلى عادة مستحكمة ظالمة تقود الإنسان حسب هواها ورغباتها. وأكثر ما ينطبق ذلك على عادة التدخين التي تحكمت بعقول الناس على اختلاف مللهم وعلمهم ومشاربهم.
عادة التدخين آفة حضارية كريهة أنزلت بالإنسان العلل والأمراض كتأثيرها السيئ على الغدد الليمفاوية والنخامية والمراكز العصبية وتأثيرها الضار على القلب وضغط الدم والمجاري التنفسية والمعدة والعضلات والعين الخ ...
لا شك أن إغراءات الأصدقاء الواقعين تحت تأثير هذه العادة هي التي تعمل على إدخال البسطاء إلى عالمها الزائف الخادع حيث لا يتمكن أي منهم من التخلص منها إلا بعد شق النفس هذا إذا قدر له الخروج. وكأن الإنسان يظن انه يجد في هذه السموم ملاذا من همومه الكثيرة يهرب إليها في الشدائد والملمات.
إن العاقل يسهر على إصلاح نفسه وليس من يتبع سبيل الخطأ بحجة أن الأكثرية تسير في هذا الاتجاه. والجاهل هو من لا يملك التفكير الصائب للحكم على الأمور فتهون عليه نفسه وصحته. إن من يبيح لنفسه إتلافها بكل وسيلة رخيصة لمجرد أن فيها لذة مزعومة هو إنسان فقد مقومات الإنسانية، انه إنسان يستحق الرثاء.